-->

قصة بِلال بن رَباح للأطفال / مُؤذن رسول اللَّه

قِصَّةُ بِلَالِِ بن رَبَاح لِلأَطفَالِ


قصة بِلال بن رَباح للأطفال / مُؤذن رسول اللَّه


كان سيدنا بلال بن رباح ( رضي اللَّه عنه ) طاهر القلب ، ومن أوائل السابقين للإسلام ، حيث كان من السبعة الأولين الذين آمنوا وأظهروا إسلامهم بكل شجاعة ، وتحمَّل تعذيبَ قومهِ لهُ ، وكان شديدَ التوكلِ على اللَّه ( عز وجل ) .


بلال بن رباح

كان ياما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ، كان هناك طفل شجاع أسمر اللون اسمه بلال بن رباح القرشي التيمي ، له أخٌ اسمهُ خالد وأختٌ اسمها غُفيرة ، مات والده وهو صغير وربته أمه واسمها حمامة ، كانت أمةً لِبني جُمح .


كبُر بلال وصار هو الآخر مولاً ( عبداً مملوكاً ) لبني جُمح من قبيلة قريش ، كان يخدم سادته كل يوم ويرعى أغنامهم ، وفي ذات يومٍ كان بلال يرعى الغنم لعبد الله بن جدعان ، فرآه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهو معتزلاً في الغار مع أبي بكرٍ الصديق ، فناداه النبي وطلب منه أن يسقيهما لبناً من غنمه ، فقال بلال : ليس معي يا سيدي إلا شاةً واحدة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إئتني بها ، أحضر بلال الشاة فحلبها رسول الله وشرب حتى ارتوى ، ثم حلبها فشرب أبو بكر الصديق وبلال ( رضي الله عنهما ) حتى ارتويا .


لاحظ بلال بن رباح بأن الشاة عادة أنشط مما كانت عليه ، وأصبحت تُدر اللبن بكثرة على غير عادتها ! وأحس بأن محمداً ابن عبد الله رجلٌ مبارك ، ثم عاد بلال لنفس المكان في اليوم التالي فناداه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ودعاه للدخول في الإسلام ، أسلم بلال بن رباح ، وأصبح سابع من أسلموا ، وظل يأتي كل يوم ليتعلم الإسلام من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وبعد ثلاثة أيام دخل بلال إلى الكعبة المشرفة ورأى الأصنام فبصق عليها وقال : خاب وخسر من عبدكن ) .


علمت قبيلة قريش بما فعله بلال ، وأنه أصبح مُسلماً ، فهرب إلى سيده الذي كان يملكه عبد الله بن جدعان ، لكن سيده خذله وأخذه إلى قبيلة قريش ، وأهداه لأبي جهل وأمية بن خلف ليفعلوا به ما يشاؤون من العذاب .


أعلن بلال بن رباح ( رضي الله عنه ) إسلامه أمام الجميع ، فما كان من قريش إلا أن عذبوه بألوان العذاب ، حتى أنهم ربطوه في الصحراء الحارقة ووضعوا على صدره صخرة كبيرة ، ثم طلبوا منه أن يذكر أصنامهم بخير ، رفض بلال ( رضي الله عنه ) وظل يردد كلمته الشهيرة : ( أحَدٌ أحَدْ ) ، ( لا إله إلا الله ، محمدٌ رسول الله ) ، علم سيدنا أبي بكر الصديق بتعذيب أبو جهل لبلال بن رباح ، فأسرع بكيس من الذهب واشترى بلال منه ، ومن هنا صار بلال بن رباح ( رضي الله عنه ) حراً .


هاجر بلال بن رباح ( رضي الله عنه ) مع باقي الصحابة إلى المدينة المنورة ، وعندما وصل رسول الله إلى المدينة مع أبي بكر الصديق ، وبنى المسجد ، كلَّف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بلالاً بأن يؤذن للصلاة كل يوم فقد رزقه الله بصوت جميل ، فرح بلال بهذه المهمة وداوم عليها دون كلل أو ملل ، وفي فتح مكة أمر رسول الله بلالاً بأن يصعد على الكعبة ويؤذن ، وكان بلال أول مؤذن في الإسلام ، ولكنه بعد وفاة رسول الله لم يعد يستطع أن يؤذن فترك الأذان لغيره من المسلمين .


ومع جمال صوت بلال بن رباح ( رضي الله عنه ) كان مجاهداً شجاعاً ، فقد شارك مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جميع غزواته ومعاركه ضد المشركين ، وحتى بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، شارك في الجهاد مع سيدنا أبي بكر الصديق في الشام ، ثم مع سيدنا عُمر بن الخطاب ( رضي الله عنهم جميعاً ) . 


وفي ذات يومٍ رأى بلالٌ رسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) في منامه ، فقرر بلال أن يرجع إلى المدينة المنورة ، وذهب إلى قبر النبي الكريم وظل يبكي عنده حتى جاءه الحسن والحسين أحفاد رسول الله ، وطلبا منه أن يقوم إلى المسجد ويؤذن كما كان يؤذن في عهد جدهما رسول الله ، صعد بلال إلى سطح المسجد وأذن وبكى ، وبكى الناس كلهم في المدينة لأنه ذكرهم بأيام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكان هذا آخر أذان لبلالٍ ( رضي الله عنه وأرضاه ) .


وعندما أصبح عُمر سيدنا بلال بن رباح ( رضي الله عنه ) ثلاثة وستون عاماً توفي في مدينة دمشق ، ودُفن في مقبرتها عند الباب الصغير ، وقيل أنه توفي وعمره سبعون سنة ، وقبل وفاته قال : ( غداً نلقى الأحبة ، محمداً وصحبه ) ، فبكت زوجته وصاحت : ( يا ويلاه ) ، فقال لها : ( وا فرحاه ) ، وتوفي سيدنا بلال وهو صائم ينتظر أن يُفطر مع سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه في الجنة .