تطور الحواس الخمس عند الأطفال
كيف تتطور الحواس الخمس لدى الأطفال منذ الولادة ؟
يعد تطور الحواس الخمس لدى الأطفال من المراحل الهامة في سير عملية النمو البشري ، حيث تشكل هذه الحواس أساسًا لتفاعل الإنسان مع محيطه والتعرف على العالم الخارجي . ومن خلال هذا المقال ، سنستعرض سويًا مراحل تطور الحواس الخمس لدى الأطفال .
1- الحاسة البصرية ( وعضوها العين ) :
تعتبر حاسة البصر من أهم الحواس التي يعتمد عليها الإنسان في تفاعله مع العالم الخارجي. وتتطور هذه الحاسة لدى الأطفال منذ الولادة وحتى سن مبكرة جداً .
في الأشهر الأولى من الحياة يستطيع الطفل رؤية الأشياء الموجودة على بعد عدة سنتيمترات فقط من وجهه ، ولا يمكنه التركيز بشكل كامل على الأشياء التي تبعد عنه أكثر من ذلك . كما أنه يحتاج إلى وقت أطول لفتح عينيه بشكل كامل وإغلاقهما .
مع مرور الوقت تزداد قدرة الطفل على رؤية الأشياء وتفصيلها ، ويستطيع التركيز لفترات أطول ، وفي سن الستة شهور يستطيع الطفل التعرف على الأشياء والأشخاص الذين يتفاعلون معه ، ويمكنه التفريق بين الوجوه والألوان المختلفة .
ومن ثم يستمر تطور حاسة البصر عند الأطفال حتى سن مبكرة ، حيث يصبحون قادرين على التعرف على الأشياء بسرعة ودقة أكبر ، وتزيد قدرتهم على تمييز الأشياء الصغيرة والحركات السريعة . كما يتم تحسين القدرة على التركيز على الأشياء الموجودة في مسافات بعيدة ، وتحديد الأشياء التي تتحرك بصورة منفصلة عن خلفية البيئة .
وتؤثر البيئة المحيطة بالطفل بشكل كبير على تطور حاسة البصر ، فعلى سبيل المثال : يمكن تعزيز هذه الحاسة من خلال توفير بيئة جيدة الإضاءة وتقديم مواد تعليمية ملونة ومحفزة للاهتمام .
2- الحاسة السمعية ( وعضوها الأذن ) :
تطور حاسة السمع عند الأطفال يختلف من شهر لآخر خلال فترة الطفولة المبكرة ، وتبدأ هذه الحاسة بالتكوين في الشهور الأولى من الحياة، وتستمر في التحسّن والتطور حتى سن الثامنة أو التاسعة .
في الأشهر الأولى من الحياة يتميز الطفل بقدرة استثنائية على استشعار الأصوات العالية والمنخفضة ، ويمكنه التفريق بين الأصوات المختلفة والرد عليها بالابتسام أو الضحك أو البكاء .
ومع مرور الوقت ، يستمر تطور حاسة السمع عند الأطفال ، حيث يتعلم الطفل كيفية استخدام هذه الحاسة لفهم الكلام والتواصل مع الآخرين ، ويساعده في ذلك التدريبات المتكررة على الاستماع والتحدث ، والتفاعل مع الأشخاص المحيطين به .
وبحلول سن الثانية أو الثالثة يصبح لدى الطفل قدرة على فهم الجمل المبسطة والتحدث بكلمات بسيطة ، ويمكنه التواصل مع الآخرين بشكل أدق وأفضل .
وفي الفترة اللاحقة من الطفولة يستمر تطور حاسة السمع عند الأطفال ، حيث يتمكّنون من فهم الكلام المعقد والتحدث بشكل أفضل وأوضح ، ويمكنهم التفاعل مع الأشخاص المحيطين بهم بشكل أفضل وأكثر فعالية .
وبشكل عام يمثل تطور حاسة السمع عند الأطفال جزءًا هامًا من تطورهم العام ، ويساعدهم في التواصل بشكل أفضل مع الآخرين وفهم العالم المحيط بهم .
3- الحاسة اللمسية ( وعضوها الجلد ) :
حاسة اللمس هي واحدة من أهم الحواس التي تمكن الإنسان من التفاعل مع العالم المحيط به. يتم تشكيل حاسة اللمس عند الأطفال منذ الولادة ، وتتطور بمرور الوقت وتجاربهم المختلفة .
في الأسابيع الأولى من الحياة ، يشعر الرضع باللمس والضغط ، ولكن ليس لديهم القدرة على التمييز بين الأشياء المختلفة ، ومع مرور الوقت وتجربتهم لمختلف الأشياء ، يصبحون قادرين على التمييز بين الأشياء التي تختلف في الحجم والشكل والملمس .
ومع تطور الحركة والإحساس الجسدي ، يحسن الأطفال من دقة حركاتهم ويصبحون أكثر قدرة على التفاعل مع الأشياء بطريقة ملائمة . كما يلاحظ الأطفال الاختلافات في الملمس بين المواد المختلفة ، ويتعلمون تفسير هذه الاختلافات .
عند بلوغ سن الثالثة أو الرابعة ، يزداد تطور حاسة اللمس لدى الأطفال بشكل كبير ، فيصبحون قادرين على التفريق بين الأشياء التي تشبه بعضها البعض ، ويمكنهم التفريق بين الأشياء ذات القوام المختلف . كما يستطيعون التعرف على أشكال مختلفة باللمس ويمكنهم إجراء تحليل دقيق للملمس .
4- الحاسة الذوقية ( وعضوها اللسان ) :
منذ الولادة يمتلك الرضع حاسة التذوق الأساسية التي تمكنهم من التعرف على الأطعمة المختلفة . وتتمثل هذه الحاسة في اكتشاف النكهات الأساسية مثل الحلاوة والمرارة والحموضة والملوحة . وتعتمد قدرة الرضع على الاستجابة لهذه النكهات على نوعية الحليب الذي يتناولونه ، فإذا كان الحليب حليب أمهم فسيتمكنون من التعرف على نكهته والاستجابة لها .
مع مرور الوقت يتم تطوير حاسة التذوق لدى الأطفال ، وتصبح قادرة على اكتشاف النكهات المختلفة بشكل أفضل . فعندما يصل الطفل إلى عمر الثلاث سنوات يكتسب القدرة على التعرف على النكهات الأكثر تعقيدًا مثل النكهات الحارة والمرة . وعندما يتم الوصول إلى سن الرابعة يمكن للأطفال التعرف على النكهات المختلفة بشكل أفضل من خلال الشم والتذوق معا .
وبمرور الوقت يتم تطوير حاسة التذوق لدى الأطفال بشكل أكبر ، وتصبح أكثر حساسية وقدرة على التعرف على النكهات المختلفة . وتؤثر العوامل الجينية والبيئية على تطوير حاسة التذوق لدى الأطفال ، كما يؤثر التغذية والتعرض للأطعمة المختلفة على تطوير حاسة التذوق .
وفي النهاية يمكن القول إن تطور حاسة التذوق لدى الأطفال تتم على مراحل وبشكل تدريجي ، حيث يتم تعزيز قدرات الطفل في اكتشاف النكهات المختلفة بمرور الوقت . وتؤثر العوامل الجينية والبيئية على تطوير هذه الحاسة ، ويمكن للأطفال أن يتعلموا كيفية تذوق والتعرف على النكهات الجديدة من خلال تعرضهم للأطعمة المختلفة وتغذيتهم بشكل صحي .
5- الحاسة الشمية ( وعضوها الأنف ) :
عند الولادة يكون لدى الأطفال حاسة الشم متقدمة نسبياً ، ويمكن لهم التفاعل مع الروائح حولهم ، ومن المعروف أن الأطفال الرضع يستخدمون حاسة الشم بشكل كبير للتعرف على رائحة الحليب ، بالإضافة إلى ذلك فإنه من الممكن أن يؤثر تفاعل الطفل مع رائحته الطبيعية على التواصل مع الأم وتنمية العلاقة بينهما .
مع مرور الوقت يتغير تطور حاسة الشم لدى الأطفال فيزداد عدد الخلايا الحسية في الأنف ، مما يتيح للطفل القدرة على التفاعل مع مجموعة أوسع من الروائح والروائح المعقدة . وبالإضافة إلى ذلك ، فإنه يتحسن تفاعل الأطفال مع روائح الطعام والأطعمة المختلفة ، مما يؤثر في تطور ذوقهم واختياراتهم فيما يتعلق بالطعام .
في سن البلوغ يتراجع تطور حاسة الشم لدى الأطفال ، وقد يؤدي ذلك إلى صعوبة في التفاعل مع الروائح المعقدة ، وعلى الرغم من ذلك فإن الخبراء يقولون إن الأطفال الذين يتعرضون لتنوع كبير في الروائح منذ الصغر قد يظهرون مرونة أكبر في حاسة الشم عندما يصبحون بالغين .
بالإضافة إلى ذلك ، فإنه يمكن استخدام حاسة الشم في العديد من التطبيقات الطبية ، مثل تشخيص بعض الأمراض والتعرف على المواد الكيميائية الخطرة . ويمكن للأطفال أيضاً أن يستفيدوا من هذا الجانب في حاسة الشم ، خاصة إذا كانوا يعانون من بعض الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب .
بشكل عام ، فإن تطور حاسة الشم لدى الأطفال يتأثر بالعديد من العوامل ، منها الوراثة والبيئة والتغذية والتعرض للأمراض التي قد تؤثر على حاسة الشم لديهم .