-->

قصة سيدنا داوود عليه السلام للأطفال

 قِصَّةُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُودُ للِأَطفَالِ


قصة سيدنا داوود عليه السلام للأطفال


كان لسيدنا داوود ( عليه السلام ) اثنا عشر أخاً ، وكان هو أصغرهم ، وأذكاهم وأجملهم صوتاً ، وكان من صغره بارعٌ في الرماية بالمِقلاع .


وعندما كبر داوودُ ( عليه السلام ) وأصبح شاباً ؛ عمل في رعي الأغنام ، وفي ذات يومِِ سمعَ الملكَ طالوتُ يقولُ لرعيتهِ : من يقتلُ منكم جالوتَ الظالمَ وأزوجهُ ابنتي ، وأعطيهِ مُلكاً ومالاً كثيراً .



( طالوتُ ) كان ملكاً على بني إسرائيل ، وكان ملكاً عادلاً تقياً اختاره اللَّه تعالى بأن يكون أول ملوك بني إسرائيل .


أما ( جالوتُ ) فهو محاربٌ شريرٌ أرادَ أن يصيرَ ملكاً على بني إسرائيل بدلاً من طالوت ، وقد جهَّز جيشاً قوياً اسماهُ ( جيشَ المعاليق ) .



توجَّه جالوتُ وجيشهُ إلى مدينةِ الملكِ طالوت ، عَلِمَ طالوتُ فأعلنَ الحربَ ، وأمرَ بتجهيزِ جيشِِ قويِّ يُدافع عن المدينة ، وأعلنَ بأنهُ سيزوجُ ابنته لمن يقتلُ جالوتَ .



كان داوودُ ( عليه السلام ) يفكرُ وهو يرعَى الأغنامَ كيف يقتلُ جالوتَ ، وفجأةً شاهدَ حصَى على الأرضِ تُناديهِ وتقولُ لهُ بأنْ يَقتنِيهَا ففيهَا قتلُ جالوتَ ، مدَّ سيدنا داوودُ يدَهُ للحصَى وأخذَها ، وجهَّز مقلاعَه ليصوِّبَ الحصَى نحو جالوتَ عندَما تبدأُ المعركةُ .


بدأتْ المعركةُ وتواجهَ الجيشانِ ، وبرزَ الملكُ طالوتُ وبجوارهِ سيِّدنا داوودَ ( عليه السلام ) على جالوتَ الظالم ، فقالَ جالوتُ لطالوت : بارزني أو أَخرِج مَن يُبارزني ولهُ مُلكي ، فبرزَ سيدنا داوودٌ ( عليه السلام ) لجالوت ، ثم وجَّهَ المقلاعَ نحوهُ ورمَى بالحصَى التي نادتهُ فماتَ جالوتُ فوراً ! سبحانَ اللَّه .


وبموتِ جالوتَ انتقلَ ملكهُ ومالهُ لسيِّدنا داوودَ ( عليه السلام ) ، والتفَّ الناسُ عليه واختاروهُ ملكاً عليهم بدلاً من طالوتَ ، وبهذا أصبحَ سيدنا داوودُ هو نبيُّ وملكُ بني إسرائيلَ ، وقد آتاهُ اللُّه ( عز وجل ) المُلكَ والحكمةَ معاً ، وأنزلَ عليهِ ( الزَّبُور ) .



كانَ سيدنا داوودُ رَغم أنهُ أصبحَ ملكاً ؛ لا يأكلُ إلا مِن عملِ يدهِ ، فقدْ كانَ يعملُ حداداً يصنعُ الدُّروعَ والسيوفَ الحديديةَ للمحاربين ، وكانَ الناسُ يحبونهُ لحكمتهِ فقد كانَ عادلاً حكيماً في قضائهِ بينَ المتخاصمين .



في ذات يومِِ جاءهُ رجلانِ يختصمانِ ، قالَ : ما خطبكُمَا ؟ قالَ الأولُ : يا نبيَّ اللَّه إن لي مزرعةً كبيرةً بهَا كلَّ أنواعِ الأشجارِ والثمارِ ، وقد تعبتُ كثيراً وأنا أزرعُها وأعتنِي بهَا ، واليومُ جاءتْ أغناماً كثيرةً يملكُها هذا الرجلُ ، ودخلَت مزرعتِي وأكلتْ كلَّ ما بهَا من زرعِِ وأفسدتهَا .



قالَ الرجلُ الثانِي : يانبيَّ اللَّه واللَّه إني لم أكُن أعلمُ بمَا فعلتهُ أغنامِي ، ولم أُدخلها أنا إلى مزرعةِ هذَا الرجلِ ، قالَ سيدنَا داوودُ ( عليه السلام ) لصاحبِ الأغنامِ : أعطِ أغنامكَ كُلها لصاحبِ المزرعةِ جزاءَ ما أفسَدتهَا عليهِ .



نفَّذَ صاحبُ الأغنامِ الأمرَ ، لكنهُ حزنَ كثيراً على أغنامهِ فلمْ يعُد لهُ دخلٌ أو مصدرُ رزقِِ يقتاتُ منهُ بعدَ أن أخذَ صاحبُ المزرعةِ كلَّ أغنامهِ .




علمَ سليمانُ ـ وهو ابنُ داوودَ ـ ( عليهما السلام ) بمَا حكمَ والدهُ ، فأوحَى اللَّه تعالى لهُ بأنْ يطلبَ من والدهِ داوودَ تغييرَ حكمهِ على صَاحبِ الأغنامِ ، وذلكَ بأنْ يأخذَ صاحبَ المزرعةِ الأغنامَ مُؤقتاً فينتفعُ مِن حليبهَا وصُوفها حتى ينتهِي صاحبَ الأغنامِ من تصليحِ المزرعةِ ، قالَ تعالى : { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } .



وفعلاً نفَّذ سيدنا داوودُ ( عليه السلام ) ما طلبهُ ابنهُ سليمانَ بأمرِ من اللَّه ( عزَّ وجلَّ ) ، وهذا الموقفُ يدلنا بأنَّ قُدرةَ سيدنا داوودُ على حلِّ النزاعاتِ بين الناسِ إنما هُو توفيقٌ وهدايةٌ من اللَّه تباركَ وتعالى .


تقدَّم سيدنا داوودُ ( عليه السلام ) في العُمرِ ، وفي ذاتِ يومِِ دخلَ بيتهَ فوجدَ رجلاً واقفاً لا يعرفهُ ولم يُدخلهُ أحدٌ إلى البيتِ !! تعجَّبَ سيدنا داوودُ ( عليه السلام ) وسألَ الرجلَ الغريبَ ؟ من أنتَ ؟ وكيفَ دَخلتْ بيتِي ؟ فقالَ الرجلُ : أنا الذي لا أَهابُ الملوكَ ، ولا يُمنعُ منِّي الحُجَّاب .


فقالَ داوودُ ( عليه السلام ) : أنتَ إذنْ ملَكُ الموتُ ، مَرحباً بأمرِ اللَّه ، فقبضَ ملكُ الموتِ روحَ سيدنا داوودَ ( عليه السلام ) وانتقلَ إلى جوارِ ربهِ ( عزَّ وجلَّ ) .